موضوع: جريمة الاعتداء على غـــزه السبت يناير 03, 2009 6:04 am
إن الجريمة الوحشية التي ارتكبتها قوات الصهاينة المحتلين على إخواننا المسلمين في غزة المرابطة ظهر يوم السبت (27/12/2008م) إنما هي حلقة في سلسلة جرائم هذا الكيان الصهيوني الذي يمارس العدوان وانتهاك القوانين الدولية والحقوق الإنسانية كل يوم، وبكل الطرق والوسائل المحظورة دولياً، فهذا العدو هو الذي يعتدي على السجناء في داخل زنازينهم، وهو الذي يعتدي على الأطفال وهم في مدارسهم، وهو العدو الذي دمر مقرات الأمم المتحدة على رؤوس من احتموا فيها. ولا شك أن هذا العدوان الآثم الذي استخدمت فيه الطائرات الحربية النفاثة وآلة الحرب المدمرة لم يكن ليتم لولا ضعف الأنظمة العربية وارتهانها لعملية السلام واتفاقياتها التي زادت العدو قوةً ونفوذاً، وهيأت له المزيد من الفرصة للسيطرة والانفراد بفلسطين وأهلها بعيداً عن وحدة الصف العربي والإسلامي والتضامن الحقيقي العملي مع قضية فلسطين. إننا نوجه النداء إلى (منظمة المؤتمر الإسلامي) وإلى ( رابطة العالم الإسلامي) أن تتحملا أمانتهما ومسؤوليتهما وهما تمثلان مليار ونصف مليار من المسلمين، والى (جامعة الدول العربية) وهى تمثل ثلاثمائة وخمسين مليون من العرب، وندعوهم إلى تحرك فوري عملي تستخدم فيه جميع الوسائل لوقف العدوان على غزة فوراً، وكسر الحصار الظالم المضروب على أهلها، والوقوف إلى جانبهم ومد يد العون إليهم من منطلق الأخوة الإسلامية والعروبة والأصالة وقيم الحق والعدالة والمبادئ الإنسانية، ولا يكفي في ذلك مجرد البيانات بل يجب استخدام كل ما يمكن من الوسائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تردع العدو الصهيوني عن ممارسة غطرسته وعدوانه على إخواننا في غزة، فلا يليق أن يرفرف علم الكيان الصهيوني على بعض العواصم العربية وطائراته تقصف أهل فلسطين، ومن العار أن تستمر العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني المجرم القاتل لإخواننا ان الدول العربية والإسلامية الكبرى مطالبة بأن تكون في مقدمة الدول للقيام بهذا الواجب وخاصة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. ودعوتنا لهم جميعا بأن يقوموا بواجبهم فإن الحدث أكبر من أن يُكتفى فيه بمجرد الاستنكار وصدور البيانات، والجميع مسئولون بين يدي الله يوم القيامة، وستكون شهادة التاريخ عليهم بحسب مواقفهم لا يستثنى من ذلك أحد ونوجه نداءنا إلى علماء الأمة الذين تنتظرهم الشعوب لا ليقولوا كلمتهم فحسب بل ليقفوا وقفتهم ويهبوا هبتهم التي يعذرون فيها أنفسهم أمام الله عز وجل ثم أمام الأمة التي تصدر عن رأيهم وتستمع لإرشادهم، كما ندعوا قادتها ومفكريها وأهل الرأي والغيرة فيها للقيام بمسؤولياتهم في هذا الظرف العصيب . كما ندعو أئمة المساجد للقنوت والدعاء وندعو خطباء المساجد لخطبة الجمعة القادمة عن فلسطين وهذه الأحداث الخطيرة، وأن يبينوا للمصلين مؤامرات اليهود وغير اليهود وأن يوعوهم لهذا الخطر اليهودي وندعو كذلك المفكرين والمثقفين من الإعلاميين وكتاب الجرائد والمجلات أن يتحملوا مسئوليتهم وأن يكتبوا عن هذه القضية الجليلة بتجرد وصدق وإخلاص ، وليعلموا أن ما تسطره أيديهم اليوم هم مسئولون عنه غداً بين يدي الله رب العالمين . ودعوتنا كذلك لجميع الشعوب العربية والإسلامية إلى التضامن مع إخواننا في غزة الصامدة وفلسطين المرابطة وذلك بكل الوسائل المتاحة بدءاً من التعبير السلمي عن التضامن بوسائله المختلفة، ومروراً بالدعم المادي وإيصال جميع أنواع التبرعات المالية والعينية من المواد الغذائية والطبية والوقود وكل ما يمكن، وأن يكون ذلك في شكل ضغط عام مؤثر يضم مؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النقابية والجمعيات الخيرية وغيرها بحيث يتحقق هذا التضامن لكسر الحصار كسراً حقيقياً من خلال توصيل المعونات مباشرة إلى غزة عبر البر والبحر وعبر التحويلات المالية. إننا نعلن للعالم كله أن هذا الكيان الغاصب هو الذي يمثل الإرهاب بكل مقوماته ومعطياته، ويعد النموذج الحقيقي لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية كما تشهد بذلك جميع ممارساته عبر نحو 70 عاماً، وإننا ندعوا شعوب العالم إلى معرفة حقيقة هذا الكيان وأهمية تعريته وكشف إجرامه، ومن ثم الضغط على الحكومات والأنظمة التي تسانده وتقدم له العون المادي المستمر، والدعم العسكري المتقدم، والإسناد السياسي الكامل في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، ودول الاتحاد الأوروبي بشكل عام وإن العالم إنْ لم يتحرك للجم هذا الإجرام فإنه ستلحقه آثاره التي لا تحمد عقباها ،وستتفجر بسببه أمور كبيرة وفواجع مدمرة تزيد من آلامه وأزماته . إننا ندعو الدول العربية والإسلامية إلى ما يلي: 1- عقد قمة عاجلة مصغرة تضم الدول العربية المؤثرة والقريبة من القضية الفلسطينية للعمل على الوقف الفوري للعدوان الصهيوني، والاستجابة لمطالب الأمة بوضع خطة عمل إستراتيجية جادة لنصرة القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقبل ذلك ومعه لمعالجة الأوضاع الفلسطينية الداخلية بصدق وتجرد وموضوعية بما يخدم وحدة الصف ويحقق المصالح الحقيقية للقضية وللشعب الفلسطيني بعيداً عن المجاملات والمزايدات والضغوط والمقايضات. 2- مسارعة جمهورية مصر العربية لفتح معبر رفح فوراً وكسر الحصار المفروض على غزة بشكل دائم؛ لأن ذلك من مقتضيات سيادتها المطلقة على المعبر التي اتضح عدم صحة ارتباطها باتفاقيات دولية. 3- الإعلان عن حملة واسعة لجمع التبرعات الشعبية لنصرة إخواننا في غزة خصوصاً وفي فلسطين عموماً ، وكسر الحصار الاقتصادي وإتاحة الفرصة للجمعيات والمنظمات الخيرية الإسلامية لتحويل الأموال وإدخال المعونات الإنسانية على فلسطين ومطالبة الدول بمساعدتها وتسهيل مهمتها. 4- الدعوة المعلنة لدعم المقاومة الفلسطينية المشروعة على المستوى الرسمي والشعبي عربياً وإسلامياً. 5- التأكيد بكل وضوح على مركزية وإسلامية وعروبة قضية فلسطين، وأنها ليست محصورة في غزة بل بكل ذرة من تراب فلسطين، وفي مقدمة أسس القضية القدس وجرائم تهويدها، والمسجد الأقصى المبارك ومخططات تدميره. 6- الدعوة العاجلة إلى الفصائل الفلسطينية وقادتها إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف على مبدأ الارتباط والالتزام بالثوابت المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والحرص على مقاومة العدو وعدم التنازل والتفريط بالحقوق. وإننا نذكر المسلمين حكاماً ومحكومين بقول الله تعالى {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل:111]، ونقول للشعوب المسلمة: أنتم وقود المواجهة مع أعداء الإنسانية وخصوم الإسلام والمسلمين في كل أرض وتحت كل سماء،والصهاينة المحتلون في فلسطين في مقدمة هؤلاء، فلتكن لكم كلمتكم المسموعة، فإن إخوانكم في غزة يعلقون عليكم – بعد الله - آمالاً عظيمة وكبيرة فكونوا أخواناً لهم ولا تخذلوهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [رواه البخاري ومسلم] ويقول صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) [صحيح مسلم].
وأنتم يا أهل غزة نقول لكم: أنتم الأحرار رغم الحصار. أنتم الأبطال رغم التضحيات. أنتم الأعزاء رغم كل المعاناة. أنتم بصمودكم سطرتم ملحمة من أروع ملاحم البطولة التي عرفها التاريخ. اصبروا وصابروا فالله تعالى يقول : {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [ آل عمران : 120 ] ، لله دركم، ولله صبركم وجهادكم، ولله تضحياتكم. نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يكشف عنكم الغمة، ويفرج الكربة، وأن يزيدكم إيمانا وثباتا ويقينا.{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [ آل عمران : 139 ] {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً} (النساء : 104 )، {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [ محمد : 35 ] فهنيئا لكم معية ربكم إن شاء الله تعالى، والنصر بإذن الله لكم، والخزي والعار لمن تآمر عليكم أو خذلكم، ولسان حالكم يتلو قوله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة : 52 ] .